الجمعة، 4 نوفمبر 2011

أصحاب الرس

أصحاب الرس
أصحاب الرس

(940 مجموع الكلمات في هذا النص)
(2865 قراءة)




كان من قصتهم : أنهم كانوا يعبدون شجرة صنوبر , يقال لها ( شاهدرخت ) كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها ( روشنا آب ). وإنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض , وذلك بعد سليمان عليه السلام وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطيء نهر يقال له الرس من بلاد المشرق , وبهم سمي النهر , ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه ولا أعذب منه ولا قرى أكثر ولا أعمر منها . وذكر عليه السلام أسماءها , وكان أعظم مداينهم اسفندار وهي التي ينزلها ملكهم , وكان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن ساذن بن نمرود بن كنعان فرعون إ براهيم عليه السلام , وبها العين الصنوبرة وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة وأجروا إليها نهراً من العين التي عند الصنوبرة , فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة وحرموا ماء العين والأنهار , فلا يشربون منها ولا أنعامهم , ومن فعل ذلك قتلوه , ويقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتنا ويشربون هم وأنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم , وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيداً يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة من حرير فيها من أنواع الصور ثم يأتون بشاة وبقر فيذبحونها قرباناً للشجرة , ويشعلون فيها النيران بالحطب , فإذا سطع دخان تلك الذبائح وقتارها في الهواء وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خرو سجداً يبكون ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم.
فكان الشيطان يجيء فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي أن قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفساً وقروا عيناً. فيرفعون رؤوسهم عند ذلك ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف ويأخذون الدستبند – يعني الصنج – فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون. وسميت العجم شهورها إشتقاقاً من تلك القرى.
حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى إجتمع إليها صغيرهم وكبيرهم فضربواعند الصنوبرة والعين سرادقاً من ديباج عليه من أنواع الصور وجعلوا له اثنا عشر باباً كل باب لأهل قرية منهم ويسجدون للصنوبرة خارجاً من السرادق ويقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم.
فيجيء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكاً شديداً ويتكلم من جوفها كلاماً جهورياً ويعدهم ويمنيهم بأكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين كلها فيحركون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يعيقون ولا يتكلمون من الشرب والعزف فيكونون على ذلك اثنا عشر يوماً لياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون. فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم غيره , بعث الله نبياً من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب , فلبث فيهم زماناً طويلا يدعوهم إلى عبادة الله عز وجل ومعرفة ربوبيته , فلا يتبعونه.
فلما رأى شدة تماديهم في الغي وحضر عيد قريتهم العظمى , قال: يا رب ان عبادك أبوا إلا تكذيبي وغدوا يعبدون شجرة لا تضر ولا تنفع , فأيبس شجرهم اجمع وأرهم قدرتك وسلطانك. فأصبح القوم وقد أيبس شجرهم كلها , فهالهم ذلك , فصاروا فرقتين , فرقة قالت: سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء والأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه. وفرقة قالت: لا , بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويدعوكم إلى عبادة غيرها فحجب حسنها وبهاؤها لكي تغضبوا لها. فتنصروا منه وأجمع رأيهم على قتله , فاتخذوا أنابيب طوالا ونزحوا ما فيها من الماء , ثم حفروا في قرارها بئراً ضيقة المدخل عميقة وأرسلوا فيها نبيهم , وألقموا فاها صخرة عظيمة , ثم أخرجوا الأنابيب من الماء وقالوا: نرجوا الآن أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت إنا قد قتلنا من يقع فيها ويصد عن عبادتها ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها ونضرتها كما كان.
فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم عليه السلام وهو يقول: سيدي قد ترى ضيق مكاني وشدة كربي , فارحم ضعف ركني , وقلة حيلتي , وعجل بقبض روحي ولا تؤخر إجابة دعوتي , حتى مات. فقال الله جل جلاله لجبرئيل عليه السلام : أيظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي وأمنوا مكري وعبدوا غيري وقتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي أو يخرجوا من سلطاني كيف وأنا المنتقم ممن عصاني ولم يخش عقابي , وإني حلفت بعزتي لأجعلنهم نكالاً وعبرة للعالمين.
فلم يرعهم وهم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديد الحمرة , فتحيروا فيها وذعروا منها وتضام بعضهم إلى بعض , ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد وأظلتهم سحابة سوداء , فألقت عليهم كالقبة جمراً يلتهب , فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص بالنار. فنعوذ بالله تعالى من غضبه ونزول نقمته ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .



وفي كتاب ( العرائس ) : أهل الرس كان لهم نبي يقال له حنظلة بن صفوان وكان بأرضهم جبل يقال له فتح مصعدا في السماء سيلا , وكانت العنقا تتشابه وهي أعظم ما يكون من الطير وفيها من كل لون. وسموها العنقا لطول عنقها وكانت تكون في ذلك الجبل تنقض على الطير تأكل , فجاءت ذات يوم , فأعوزها الطير , فانقضت على صبي فذهبت به , ثم إنها انقضت على جارية فأخذتها فضمتها إلى جناحين لها صغيرين سوى الجناحين الكبيرين. فشكوا إلى نبيهم , فقال: اللهم خذها واقطع نسلها فأصابتها صاعقة فاحترقت فلم ير لها أثر , فضربتها العرب مثلا في أشعارها وحكمها وأمثالها.
ثم أن أصحاب الرس قتلوا نبيهم , فأهلكهم الله تعالى , وبقي نهرهم ومنازلهم مائتي عام لا يسكنها أحد. ثم أتى الله بقرن بعد ذلك فنزلوها , وكانوا صالحين سنين , ثم أحدثوا فاحشة جعل الرجل يدعوا ابنته وأخته وزوجته فيعطيها جاره وأخاه وصديقه يلتمس بذلك البر والصلة. ثم ارتفعوا من ذلك إلى نوع أخزى , ترك الرجال للنساء حتى شبقن واستغنوا بالرجال , فجاءت شيطانتهن في صورة امرأة وهي الدلهات كانتا في بيضة واحدة فشهت إلى النساء ركوب بعضهن بعضاً وعلمتهن كيف يضعن , فأصل ركوب النساء بعضهن بعضاً من الدلهات.
فسلط الله على ذلك القرن صاعقة في أول الليل وخسفاً في آخر الليل وخسفاً مع الشمس , فلم يبق منهم باقية وبادت مساكنهم , وأحسبها اليوم لا تسكن.


[ العودة الى قصص القرآن | قائمة الأقسام الخاصة ]

أصحاب الأخدود

أحسن القصص > أصحاب الأخدود

موقع القصة في القرآن الكريم:

ورد ذكر القصة في سورة البروج الآيات 4-9، وتفصيلها في صحيح الإمام مسلم.

القصة:

إنها قصة فتاً آمن، فصبر وثبت، فآمنت معه قريته.

لقد كان غلاما نبيها، ولم يكن قد آمن بعد. وكان يعيش في قرية ملكها كافر يدّعي الألوهية. وكان للملك ساحر يستعين به. وعندما تقدّم العمر بالساحر، طلب من الملك أن يبعث له غلاما يعلّمه السحر ليحلّ محله بعد موته. فاختير هذا الغلام وأُرسل للساحر.

فكان الغلام يذهب للساحر ليتعلم منه، وفي طريقه كان يمرّ على راهب. فجلس معه مرة وأعجبه كلامه. فصار يجلس مع الراهب في كل مرة يتوجه فيها إلى الساحر. وكان الساحر يضربه إن لم يحضر. فشكى ذلك للراهب. فقال له الراهب: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر.

وكان في طريقه في أحد الأيام، فإذا بحيوان عظيم يسدّ طريق الناس. فقال الغلام في نفسه، اليوم أعلم أيهم أفضل، الساحر أم الراهب. ثم أخذ حجرا وقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس. ثم رمى الحيوان فقلته، ومضى الناس في طريقهم. فتوجه الغلام للراهب وأخبره بما حدث. فقال له الراهب: يا بنى، أنت اليوم أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإذا ابتليت فلا تدلّ عليّ.

وكان الغلام بتوفيق من الله يبرئ الأكمه والأبرص ويعالج الناس من جميع الأمراض. فسمع به أحد جلساء الملك، وكان قد فَقَدَ بصره. فجمع هدايا كثرة وتوجه بها للغلام وقال له: أعطيك جميع هذه الهداية إن شفيتني. فأجاب الغلام: أنا لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمن جليس الملك، فشفاه الله تعالى.

فذهب جليس الملجس، وقعد بجوار الملك كما كان يقعد قبل أن يفقد بصره. فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ فأجاب الجليس بثقة المؤمن: ربّي. فغضب الملك وقال: ولك ربّ غيري؟ فأجاب المؤمن دون تردد: ربّي وربّك الله. فثار الملك، وأمر بتعذيبه. فلم يزالوا يعذّبونه حتى دلّ على الغلام.

أمر الملك بإحضار الغلام، ثم قال له مخاطبا: يا بني، لقد بلغت من السحر مبلغا عظيما، حتى أصبحت تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل. فقال الغلام: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى. فأمر الملك بتعذيبه. فعذّبوه حتى دلّ على الراهب.

فأُحضر الراهب وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الراهب ذلك. وجيئ بمشار، ووضع على مفرق رأسه، ثم نُشِرَ فوقع نصفين. ثم أحضر جليس الملك، وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى. فَفُعِلَ به كما فُعِلَ بالراهب. ثم جيئ بالغلام وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الغلام. فأمر الملك بأخذ الغلام لقمة جبل، وتخييره هناك، فإما أن يترك دينه أو أن يطرحوه من قمة الجبل.

فأخذ الجنود الغلام، وصعدوا به الجبل، فدعى الفتى ربه: اللهم اكفنيهم بما شئت. فاهتزّ الجبل وسقط الجنود. ورجع الغلام يمشي إلى الملك. فقال الملك: أين من كان معك؟ فأجاب: كفانيهم الله تعالى. فأمر الملك جنوده بحمل الغلام في سفينة، والذهاب به لوسط البحر، ثم تخييره هناك بالرجوع عن دينه أو إلقاءه.

فذهبوا به، فدعى الغلام الله: اللهم اكفنيهم بما شئت. فانقلبت بهم السفينة وغرق من كان عليها إلا الغلام. ثم رجع إلى الملك. فسأله الملك باستغراب: أين من كان معك؟ فأجاب الغلام المتوكل على الله: كفانيهم الله تعالى. ثم قال للملك: إنك لن تستطيع قتلي حتى تفعل ما آمرك به. فقال الملك: ما هو؟ فقال الفتى المؤمن: أن تجمع الناس في مكان واحد، وتصلبي على جذع، ثم تأخذ سهما من كنانتي، وتضع السهم في القوس، وتقول "بسم الله ربّ الغلام" ثم ارمني، فإن فعلت ذلك قتلتني.

استبشر الملك بهذا الأمر. فأمر على الفور بجمع الناس، وصلب الفتى أمامهم. ثم أخذ سهما من كنانته، ووضع السهم في القوس، وقال: باسم الله ربّ الغلام، ثم رماه فأصابه فقتله.

فصرخ الناس: آمنا بربّ الغلام. فهرع أصحاب الملك إليه وقالوا: أرأيت ما كنت تخشاه! لقد وقع، لقد آمن الناس.

فأمر الملك بحفر شقّ في الأرض، وإشعال النار فيها. ثم أمر جنوده، بتخيير الناس، فإما الرجوع عن الإيمان، أو إلقائهم في النار. ففعل الجنود ذلك، حتى جاء دور امرأة ومعها صبي لها، فخافت أن تُرمى في النار. فألهم الله الصبي أن يقول لها: يا أمّاه اصبري فإنك على الحق.



قصص القرآن | الترتيب الزمني للأنبياء | الترتيب الهجائي للأنبياء | ألو العزم من الرسل | المراجع
أصحاب الأخدود