الجمعة، 17 فبراير 2023

من سورة الأنعام

صدقة جارية 
تفسير اية رقم ١٣٨
من سورة الأنعام 
﴿وَقَالُوا۟ هَـٰذِهِۦۤ أَنۡعَـٰمࣱ وَحَرۡثٌ حِجۡرࣱ لَّا یَطۡعَمُهَاۤ إِلَّا مَن نَّشَاۤءُ بِزَعۡمِهِمۡ وَأَنۡعَـٰمٌ حُرِّمَتۡ ظُهُورُهَا وَأَنۡعَـٰمࣱ لَّا یَذۡكُرُونَ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَیۡهَا ٱفۡتِرَاۤءً عَلَیۡهِۚ سَیَجۡزِیهِم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ﴾ [الأنعام ١٣٨]

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "الحجْرُ": الْحَرَامُ، مِمَّا حَرَّمُوا الْوَصِيلَةَ، وَتَحْرِيمُ مَا حَرَّمُوا.وَكَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، والسُّدِّي، وَقَتَادَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ.وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ﴾ الْآيَةَ: تَحْرِيمٌ كَانَ عَلَيْهِمْ مِنَ الشَّيَاطِينِ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَتَغْلِيظٌ وَتَشْدِيدٌ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.وَقَالَ ابْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: ﴿حِجْرٌ﴾ إِنَّمَا احْتَجَزُوهَا لِآلِهَتِهِمْ.وَقَالَ السُّدِّيُّ: ﴿لَا يَطْعَمُهَا إِلا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ﴾ يَقُولُونَ: حَرَامٌ أَنْ نُطْعِمَ إِلَّا مَنْ شِئْنَا.وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنزلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يُونُسَ: ٥٩] ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [الْمَائِدَةِ: ١٠٣] .وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَمَّا ﴿وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا﴾ فَهِيَ الْبَحِيرَةُ وَالسَّائِبَةُ وَالْحَامُ، وَأَمَّا الْأَنْعَامُ الَّتِي لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا قَالَ: إِذَا أَوْلَدُوهَا، وَلَا إِنْ نَحَرُوهَا.وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاش، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُود قَالَ لِي أَبُو وَائِلٍ: تَدْرِي(١) مَا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا﴾ ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: هِيَ الْبَحِيرَةُ، كَانُوا لَا يَحُجُّونَ عَلَيْهَا.وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ مِنْ إِبِلِهِمْ طَائِفَةٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا [وَلَا](٢) فِي شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهَا، لَا إِنْ رَكِبُوا، وَلَا إِنْ حَلَبُوا، وَلَا إِنْ حَمَلُوا، وَلَا إِنْ سَحَبُوا(٣) وَلَا إِنْ عَمِلُوا شَيْئًا(٤) .﴿افْتِرَاءً عَلَيْهِ﴾ أَيْ: عَلَى اللَّهِ، وَكَذِبًا مِنْهُمْ فِي إِسْنَادِهِمْ ذَلِكَ إِلَى دِينِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَا رَضيه مِنْهُمْ ﴿سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ أَيْ: عَلَيْهِ، ويُسْندون إِلَيْهِ.

(١) في أ: "أتدري".
(٢) زيادة من م، أ.
(٣) في م، أ: "حجوا".
(٤) في د: "شيئا نتجوا".

(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))