الأربعاء، 22 فبراير 2023

من سورة الفرقان

صدقة جارية 
تفسير اية رقم ٦٣_٦٧ 
من سورة الفرقان 
﴿وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلَّذِینَ یَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنࣰا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَـٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَـٰمࣰا (٦٣) وَٱلَّذِینَ یَبِیتُونَ لِرَبِّهِمۡ سُجَّدࣰا وَقِیَـٰمࣰا (٦٤) وَٱلَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصۡرِفۡ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَۖ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (٦٥) إِنَّهَا سَاۤءَتۡ مُسۡتَقَرࣰّا وَمُقَامࣰا (٦٦) وَٱلَّذِینَ إِذَاۤ أَنفَقُوا۟ لَمۡ یُسۡرِفُوا۟ وَلَمۡ یَقۡتُرُوا۟ وَكَانَ بَیۡنَ ذَ ٰ⁠لِكَ قَوَامࣰا (٦٧)﴾ [الفرقان ٦٣-٦٧]

سبهَذِهِ صِفَاتُ عِبَادِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا﴾ أَيْ: بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ مِنْ غَيْرِ جَبَرية وَلَا اسْتِكْبَارٍ، كَمَا قَالَ: ﴿وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٣٧] . فَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ يَمْشُونَ مِنْ غَيْرِ اسْتِكْبَارٍ وَلَا مرح، ولا أشر ولا بطر، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَمْشُونَ كَالْمَرْضَى مِنَ التَّصَانُعِ تَصَنُّعًا وَرِيَاءً، فَقَدْ كَانَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ﷺ إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَب، وَكَأَنَّمَا الْأَرْضُ تُطْوَى لَهُ. وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ الْمَشْيَ بِتَضَعُّفٍ وَتَصَنُّعٍ، حَتَّى رَوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى شَابًّا يَمْشِي رُويدًا، فَقَالَ: مَا بَالَكَ؟ أَأَنْتَ مَرِيضٌ؟ قَالَ: لَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَعَلَاهُ بِالدِّرَّةِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَمْشِيَ بِقُوَّةٍ. وَإِنَّمَا(١) الْمُرَادُ بالهَوْن هَاهُنَا السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السِّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلَّوْا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا"(٢) .وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ يَحْيَى(٣) بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرْضِ هَوْنًا﴾ قَالَ: إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَوْمٌ ذُلُل، ذَلَّتْ مِنْهُمْ -وَاللَّهِ -الأسماعُ وَالْأَبْصَارُ وَالْجَوَارِحُ، حَتَّى تَحْسَبَهُمْ مَرْضَى وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ، وَإِنَّهُمْ لَأَصِحَّاءُ، وَلَكِنَّهُمْ دَخْلَهُمْ مِنَ الْخَوْفِ مَا لَمْ يَدْخُلْ غَيْرَهُمْ، وَمَنَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا عِلْمُهُمْ بِالْآخِرَةِ، فَقَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ. أَمَا وَاللَّهِ مَا أَحْزَنَهُمْ حَزَنُ النَّاسِ، وَلَا تَعَاظَمَ فِي نُفُوسِهِمْ شَيْءٌ طَلَبُوا بِهِ الْجَنَّةَ، أَبْكَاهُمُ الْخَوْفُ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ تَقَطَّعُ نفسُه عَلَى الدُّنْيَا حَسَرَاتٍ، وَمَنْ لَمْ يَرَ لِلَّهِ نِعْمَةً إِلَّا فِي مَطْعَمٍ أَوْ فِي مَشْرَبٍ، فَقَدْ قلَّ عِلْمُهُ(٤) وحضَر عذابهُ.
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا﴾ أَيْ: إِذَا سَفه عَلَيْهِمُ الْجُهَّالُ بِالسَّيِّئِ، لَمْ يُقَابِلُوهُمْ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ، بَلْ يَعْفُونَ وَيَصْفَحُونَ، وَلَا يَقُولُونَ إِلَّا خَيْرًا، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا تَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلَّا حِلْمًا، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ [الْقَصَصِ: ٥٥] .وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرّن المُزَني قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ [وَسَبَّ رجلٌ رَجُلًا عِنْدَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ الْمَسْبُوبُ يَقُولُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أَمَا](٥) إِنَّ مَلِكًا بَيْنَكُمَا يَذُبُّ عَنْكَ، كُلَّمَا شَتَمَكَ هَذَا قَالَ لَهُ: بَلْ أَنْتَ وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ. وَإِذَا قَالَ لَهُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ، قَالَ: لَا بَلْ عَلَيْكَ، وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ. " إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَلَمْ يُخْرِجُوهُ(٦) .وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿قَالُوا سَلامًا﴾ يَعْنِي: قَالُوا: سَدَادًا.وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: رَدُّوا مَعْرُوفًا مِنَ الْقَوْلِ.وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: ﴿قَالُوا [سَلامًا﴾ ، قَالَ: حُلَمَاءُ لَا يَجْهَلُونَ](٧) ، وَإِنْ جُهِلَ عَلَيْهِمْ حَلُمُوا. يُصَاحِبُونَ عِبَادَ اللَّهِ نَهَارَهُمْ بِمَا تَسْمَعُونَ(٨) ، ثُمَّ ذَكَرَ أن ليلهم خير ليل.
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ أَيْ: فِي عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذَّارِيَاتِ: ١٧ -١٨] ، وَقَالَ ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [السَّجْدَةِ: ١٦] وَقَالَ ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ الْآيَةَ [الزُّمَرِ: ٩] وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ أَيْ: مُلَازِمًا دَائِمًا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ(٩) :إنْ يُعَذّب يَكُنْ غَرَامًا، وَإِنْ يُعْـ ... طِ جَزِيلَا فَإِنَّهُ لَا يُبَالي ...وَلِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ : كُلُّ شَيْءٍ يُصِيبُ ابْنَ آدَمَ وَيَزُولُ عَنْهُ فَلَيْسَ بغرام، وإنما الغرام اللازم ما دامت السموات وَالْأَرْضُ. وَكَذَا قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ.وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ [الْقُرَظِيُّ](١٠) : ﴿إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا﴾ يَعْنِي: مَا نَعِمُوا فِي الدُّنْيَا؛ إِنَّ اللَّهَ سَأَلَ الْكُفَّارَ عَنِ النِّعْمَةِ فَلَمْ يَرُدُّوهَا إِلَيْهِ، فَأَغْرَمَهُمْ فَأَدْخَلَهُمُ النَّارَ.﴿إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾ أَيْ: بِئْسَ الْمَنْزِلُ مَنْظَرًا، وَبِئْسَ الْمَقِيلُ مَقَامًا.[وَ](١١) قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا﴾ : حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: إِذَا طُرح الرَّجُلُ فِي النَّارِ هَوَى فِيهَا، فَإِذَا انْتَهَى إِلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا قِيلَ لَهُ: مَكَانَكَ حَتَّى تُتْحَفَ، قَالَ: فَيُسْقَى كَأْسًا مِنْ سُمِّ الْأَسَاوِدِ وَالْعَقَارِبِ، قَالَ: فَيُمَيَّزُ الْجِلْدُ عَلَى حِدَةٍ، وَالشِّعْرُ عَلَى حِدَةٍ، وَالْعَصَبُ عَلَى حِدَةٍ، وَالْعُرُوقُ عَلَى حِدَةٍ.وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبيد بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: إِنَّ فِي النَّارِ لَجُبَابًا فِيهَا حَيَّاتٌ أَمْثَالُ الْبُخْتِ، وَعَقَارِبُ أَمْثَالُ الْبِغَالِ الدَّلَمِ(١٢) ، فَإِذَا قُذِفَ بِهِمْ فِي النَّارِ خَرَجَتْ إِلَيْهِمْ مِنْ أَوْطَانِهَا فَأَخَذَتْ بِشِفَاهِهِمْ وَأَبْشَارِهِمْ وَأَشْعَارِهِمْ، فَكَشَطَتْ لُحُومَهُمْ إِلَى أَقْدَامِهِمْ، فَإِذَا وَجَدَتْ حَرَّ النَّارِ رَجَعَتْ.وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا سَلَّامٌ -يَعْنِي ابْنَ مِسْكِينٍ -عَنْ أَبِي ظِلَالٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "إِنَّ عَبْدًا فِي جَهَنَّمَ لِيُنَادِي أَلْفَ سَنَةٍ: يَا حَنَّانُ، يَا مَنَّانُ. فَيَقُولُ اللَّهُ لِجِبْرِيلَ: اذْهَبْ فَآتِنِي بِعَبْدِي هَذَا. فَيَنْطَلِقُ جِبْرِيلُ فَيَجِدُ أَهْلَ النَّارِ مُنكبين(١٣) يَبْكُونَ، فَيَرْجِعُ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُخْبِرُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: آتِنِي بِهِ فَإِنَّهُ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا. فَيَجِيءُ بِهِ فَيُوقِفُهُ عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَقُولُ لَهُ: يَا عَبْدِي، كَيْفَ وَجَدْتَ مَكَانَكَ وَمَقِيلَكَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ شَرَّ مَكَانٍ، شَرَّ مَقِيلٍ. فَيَقُولُ: رُدُّوا عَبْدِي. فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا كُنْتُ أَرْجُو إِذْ أَخْرَجَتْنِي مِنْهَا أَنْ تَرُدَّنِي فِيهَا! فَيَقُولُ: دَعَوْا عَبْدِي(١٤) .
* * *وَقَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ أَيْ: لَيْسُوا بِمُبَذِّرِينَ في إِنْفَاقِهِمْ فَيَصْرِفُونَ فَوْقَ الْحَاجَةِ، وَلَا بُخَلَاءَ عَلَى أهْليهم فَيُقَصِّرُونَ فِي حَقِّهِمْ فَلَا يَكْفُونَهُمْ، بَلْ عَدْلا خِيَارًا، وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا، لَا هَذَا وَلَا هَذَا، ﴿وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ ، كَمَا قَالَ: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٢٩] .وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عِصَامُ(١٥) بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ ضَمْرَة، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ رِفْقُهُ فِي مَعِيشَتِهِ". وَلَمْ يُخْرِجُوهُ(١٦) .وَقَالَ [الْإِمَامُ](١٧) أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، حَدَّثَنَا سُكَين(١٨) بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ العَبْدي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الهَجَري عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ". وَلَمْ يُخْرِجُوهُ(١٩) .وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ(٢٠) حَدَّثَنَا سَعِيدُ(٢١) بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ بِلَالٍ -يَعْنِي الْعَبْسِيَّ -عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "مَا أَحْسَنَ الْقَصْدَ فِي الْغِنَى، وَأَحْسَنَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ، وَأَحْسَنَ الْقَصْدَ فِي الْعِبَادَةِ" ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْرِفُهُ يُرْوَى إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ(٢٢) .وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: مَا جَاوَزْتَ بِهِ أَمْرَ اللَّهِ فَهُوَ سَرَفٌ.وَقَالَ غَيْرُهُ: السَّرَفُ النَّفَقَةُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ.وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَيْسَ النَّفَقَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَرَفًا [وَاللَّهُ أَعْلَمُ](٢٣) .

(١) في ف، أ: "وأما".
(٢) رواه البخاري في صحيحه برقم (٦٣٥) ومسلم في صحيحه برقم (٦٠٣) من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.
(٣) في ف، أ: "عمر".
(٤) في أ: "عمله".
(٥) زيادة من ف، أ، والمسند.
(٦) المسند (٥/٤٤٥) وقال الهيثمي في المجمع (٨/٧٥) : "رجاله رجال الصحيح، غير أبي خالد الوالبي وهو ثقة".
(٧) زيادة من ف، أ.
(٨) في ف، أ: "بما يسمعون".
(٩) هو الأعشى - ميمون بن قيس - والبيت في تفسير الطبري (١٩/٢٣) .
(١٠) زيادة من أ.
(١١) زيادة من أ.
(١٢) في أ: "الدهم".
(١٣) في أ: "مكبين".
(١٤) المسند (٣/٢٣٠) وقال الهيثمي في المجمع (١٠/٣٨٤) : "رجاله رجال الصحيح غير أبي ظلال وضعفه الجمهور، ووثقه ابن حبان".
(١٥) في أ: "عاصم".
(١٦) المسند (٥/١٩٤) .
(١٧) زيادة من أ.
(١٨) في أ: "مسكين".
(١٩) المسند (١/٤٤٧) وقال الهيثمي في المجمع (١٠/٢٥٢) "في إسناده إبراهيم بن مسلم الهجري وهو ضعيف".
(٢٠) في ف، أ: "إبراهيم بن محمد بن محمد بن ميمون".
(٢١) في، أ: "سعد".
(٢٢) مسند البزار برقم (٣٦٠٤) وقال الهيثمي في المجمع (١٠/٢٥٢) : "رواه البزار عن سَعِيدُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ حَبِيبٍ، ومسلم هذا لم أجد من ذكره إلا ابن حبان في ترجمة سعيد الراوي عنه، وبقية رجاله ثقات".
(٢٣) زيادة من أ.

(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))