الأربعاء، 14 أغسطس 2024

من سورة يوسف

 صدقة جارية 


تفسير اية رقم ١١_١٢

من سورة يوسف 

﴿قَالُوا۟ یَـٰۤأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ یُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَـٰصِحُونَ (١١) أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدࣰا یَرۡتَعۡ وَیَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَـٰفِظُونَ (١٢)﴾ [يوسف ١١-١٢]


لَمَّا تُوَاطَئُوا عَلَى أَخْذِهِ وطَرْحه فِي الْبِئْرِ، كَمَا أَشَارَ عَلَيْهِمْ أَخُوهُمُ الْكَبِيرُ رُوبيل، جَاءُوا أَبَاهُمْ يَعْقُوبَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالُوا: ﴿يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ﴾ وَهَذِهِ تَوْطِئَةٌ وَسَلَفٌ وَدَعْوَى، وَهُمْ يُرِيدُونَ خِلَافَ ذَلِكَ؛ لِمَا لَهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْحَسَدِ لِحُبِّ أَبِيهِ لَهُ، ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا﴾ أَيِ: ابْعَثْهُ مَعَنَا، ﴿غَدًا نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ﴾ وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ بِالْيَاءِ ﴿يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ﴾قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَسْعَى وَيَنْشَطُ. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَالضَّحَّاكُ والُّسدِّي، وَغَيْرُهُمْ.﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ يَقُولُونَ: وَنَحْنُ نَحْفَظُهُ وَنَحُوطُهُ مِنْ أَجْلِكَ.


(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))

من سورة يوسف

 صدقة جارية 

تفسير اية رقم ٥ من 

سورة يوسف 

﴿قَالَ یَـٰبُنَیَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡیَاكَ عَلَىٰۤ إِخۡوَتِكَ فَیَكِیدُوا۟ لَكَ كَیۡدًاۖ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ لِلۡإِنسَـٰنِ عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ﴾ [يوسف ٥]


يَقُولُ تَعَالَى مُخْبَرًا عَنْ قَوْلِ يَعْقُوبَ لِابْنِهِ يُوسُفَ حِينَ قَصّ عَلَيْهِ مَا رَأَى مِنْ هَذِهِ الرُّؤْيَا، الَّتِي تَعْبِيرُهَا خُضُوعُ إِخْوَتِهِ لَهُ وَتَعْظِيمُهُمْ إِيَّاهُ تَعْظِيمًا زَائِدًا، بِحَيْثُ يَخِرُّونَ لَهُ سَاجِدِينَ إِجْلَالًا وَإِكْرَامًا وَاحْتِرَامًا(١) فَخَشِيَ يَعْقُوبُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنْ يُحَدِّثَ بِهَذَا الْمَنَامِ أَحَدًا مِنْ إِخْوَتِهِ فَيَحْسُدُوهُ(٢) عَلَى ذَلِكَ، فَيَبْغُوا لَهُ الْغَوَائِلَ، حَسَدًا مِنْهُمْ لَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ لَهُ: ﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ أَيْ: يَحْتَالُوا لَكَ حِيلَةً يُرْدُونَك فِيهَا. وَلِهَذَا ثَبَتَتِ السُّنَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلْيُحَدِّثْ بِهِ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فليتحوَّل إِلَى جَنْبِهِ الْآخَرِ وَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ"(٣) . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَبَعْضُ أَهْلِ السُّنَنِ، مِنْ رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبر، فَإِذَا عُبرت وَقَعَتْ"(٤) وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ الْأَمْرُ بِكِتْمَانِ النِّعْمَةِ حَتَّى تُوجَدَ وَتَظْهَرَ، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ: "اسْتَعِينُوا عَلَى قَضَاءِ الْحَوَائِجِ بِكِتْمَانِهَا، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ"(٥)


(١) في ت، أ: "واحتراما وإكراما".

(٢) في ت: "فيحسدونه".

(٣) جاء من حديث جابر، وأم سلمة، وأبي قتادة: أما حديث جابر، فرواه مسلم في صحيحه برقم (٢٢٦٢) ، وأما حديث أم سلمة، فرواه النسائي في السنن الكبرى برقم (١٠٧٤١) ، وأما حديث أبي قتادة، فرواه أحمد في المسند (٥/٢٩٦) وهذا لفظه.

(٤) لم أعثر عليه من حديث معاوية، وإنما من حديث لقيط بن عامر رضي الله عنه، رواه أحمد في المسند (٤/١٠) وأبو داود في السنن برقم (٥٠٢٠) والترمذي في السنن برقم (٢٢٧٨) وابن ماجه في السنن برقم (٣٩١٤) .

(٥) رواه العقيلي في الضعفاء (٢/١٠٩) وابن عدي في الكامل (٣/٤٠٤) وأبو نعيم في الحلية (٦/٩٦) من طريق سعيد بن سالم العطار عن ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عن معاذ به مرفوعا، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (٢/١٦٥) وقال أبو حاتم في العلل (٢/٢٥٨) : "حديث منكر". وآفته سعيد بن سلام العطار فهو كذاب.


(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))


من سورة يوسف

 صدقة جارية 

تفسير اية رقم ١٣_١٤

من سورة يوسف 

﴿قَالَ إِنِّی لَیَحۡزُنُنِیۤ أَن تَذۡهَبُوا۟ بِهِۦ وَأَخَافُ أَن یَأۡكُلَهُ ٱلذِّئۡبُ وَأَنتُمۡ عَنۡهُ غَـٰفِلُونَ (١٣) قَالُوا۟ لَىِٕنۡ أَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُ وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّاۤ إِذࣰا لَّخَـٰسِرُونَ (١٤)﴾ [يوسف ١٣-١٤]


يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ نَبِيِّهِ(١) يَعْقُوبَ أَنَّهُ قَالَ لِبَنِيهِ فِي جَوَابِ مَا سَأَلُوا مِنْ إِرْسَالِ يُوسُفَ مَعَهُمْ إِلَى الرَّعْيِ فِي الصَّحْرَاءِ: ﴿إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ﴾ أَيْ: يَشُقُّ عَلَيَّ مفارقتُهُ مُدَّةَ ذَهَابِكُمْ بِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ، وَذَلِكَ لفَرْط مَحَبَّتِهِ لَهُ، لِمَا يَتَوَسَّمُ فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ الْعَظِيمِ، وَشَمَائِلِ النُّبُوَّةِ وَالْكَمَالِ فِي الخُلُق وَالْخَلْقِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

* * *وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ﴾ يَقُولُ: وَأَخْشَى أَنْ تَشْتَغِلُوا عَنْهُ بِرَمْيِكُمْ ورَعْيتكم(٢) فَيَأْتِيهِ ذِئْبٌ فَيَأْكُلُهُ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ، فَأَخَذُوا مِنْ فَمِهِ هَذِهِ الْكَلِمَةَ، وَجَعَلُوهَا عُذْرَهُمْ فِيمَا فَعَلُوهُ، وَقَالُوا مُجِيبِينَ عَنْهَا فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ: ﴿لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ﴾ يَقُولُونَ: لَئِنْ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فَأَكَلَهُ مِنْ بَيْنِنَا، وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ، إِنَّا إذًا لهالكون عاجزون.


(١) في ت، أ: "عن نبي الله".

(٢) في ت: "ورعيكم".


(تفسير ابن كثير — ابن كثير (٧٧٤ هـ))